ستوكهولم، السويد – أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم أمس 8 أكتوبر 2025 عن فوز العالم السعودي الدكتور عمر ياغي بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025، بالاشتراك مع العالمين سوسومو كيتاغاوا من اليابان وريتشارد روبسون من أستراليا. ويأتي هذا التكريم تقديرًا لإسهاماتهم الرائدة في تأسيس وتطوير "الكيمياء الشبكية" (Reticular Chemistry)، وهو مجال أحدث ثورة في تطبيقات تنقية وتخزين المواد.

مسيرة علمية حافلة

وُلد الدكتور ياغي في عمّان عام 1965 لعائلة فلسطينية، وبدأ رحلته العلمية من الجامعة الأميركية في بيروت، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة ليحصل على درجة الدكتوراه من جامعة إلينوي. وخلال مسيرته الأكاديمية الممتدة في جامعات أريزونا وميشيغان وصولًا إلى جامعة كاليفورنيا - بيركلي، أسس ياغي لمجال علمي جديد يُعنى ببناء هياكل جزيئية مبتكرة.

وفي عام 2021، مُنح الجنسية السعودية بأمر ملكي ضمن برنامج استقطاب الكفاءات المتميزة، تقديرًا لإنجازاته العلمية العالمية، ليصبح منارة سعودية في سماء العلوم الدولية.

ثورة "الهياكل المسامية"

يُعد الدكتور ياغي الأب الروحي للكيمياء الشبكية، التي ترتكز على تصميم هياكل بلورية ثلاثية الأبعاد تُعرف بالهياكل العضوية المعدنية (MOFs) والهياكل العضوية التساهمية (COFs). تتميز هذه المواد بقدرتها الفائقة على التقاط وتخزين جزيئات محددة، مما يفتح آفاقًا واعدة لتطبيقات عملية حيوية.

وتُعتبر هذه الهياكل من أكثر المواد مسامية في العالم، حيث تتيح مساحتها السطحية الهائلة إمكانية التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو لمواجهة التغير المناخي. كما تُستخدم في استخلاص بخار الماء من الهواء في المناطق الجافة، مما يوفر حلولًا مبتكرة لمشكلة شح المياه التي تواجه العديد من المناطق حول العالم. وتمتد تطبيقاتها أيضًا إلى تخزين الغازات مثل الهيدروجين والميثان بكفاءة عالية، لدعم التحول نحو طاقة نظيفة ومستدامة.

وتُمثل هذه الابتكارات نقلة نوعية في قدرة البشرية على مواجهة التحديات البيئية والمناخية الكبرى، حيث توفر حلولًا عملية وقابلة للتطبيق على نطاق واسع في مجالات الطاقة والبيئة والطب.

تقدير عالمي مستحق

قبل حصوله على جائزة نوبل، حصد الدكتور ياغي العديد من الجوائز المرموقة، من بينها جائزة وولف في الكيمياء وجائزة الملك فيصل العالمية. كما يُصنف ضمن أكثر العلماء تأثيرًا في العالم، حيث تم الاستشهاد بأبحاثه أكثر من 250 ألف مرة، مما يعكس الأثر العميق لأعماله في المجتمع العلمي.

ويشغل ياغي حاليًا منصب أستاذ الكيمياء ومدير معهد العلوم العالمية في جامعة كاليفورنيا - بيركلي، ويقود أبحاثًا مشتركة مع مؤسسات سعودية مرموقة لتطوير حلول مستدامة في مجالي المياه والطاقة، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار.

إنجاز تاريخي للمملكة

يمثل فوز الدكتور عمر ياغي بجائزة نوبل للكيمياء إنجازًا تاريخيًا للمملكة العربية السعودية، حيث يُعد أول عالم يحمل الجنسية السعودية يحصل على هذا التكريم العالمي الرفيع. ويأتي هذا الإنجاز في إطار جهود المملكة لبناء اقتصاد معرفي قائم على الابتكار والبحث العلمي، وفقًا لرؤية السعودية 2030 التي تولي أهمية قصوى لاستقطاب الكفاءات العلمية وتطوير البحث العلمي.

ويُتوقع أن يُسهم هذا الفوز في تعزيز مكانة المملكة على خريطة العلوم العالمية، وأن يُلهم جيلًا جديدًا من الباحثين السعوديين للسير على خطى الدكتور ياغي في مجالات العلوم والتكنولوجيا. كما يُبرز هذا الإنجاز أهمية الاستثمار في العقول والمعرفة كركيزة أساسية للتنمية المستدامة والتقدم الحضاري.

اخبار ربما تود قرائتها

03 تعليقات

التعليقات

لا تقلق! لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة (*).

اشترك في النشرة الإخبارية

إعلان

تصويت

تصويت

آراء القراء

إخترنا لك